لا أشغال قبل 2030.. دراسات مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا تؤكد جدواه وتحدد مدة إنجازه في 10 سنوات مع استثمارات تصل إلى 15 مليار يورو

 لا أشغال قبل 2030.. دراسات مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا تؤكد جدواه وتحدد مدة إنجازه في 10 سنوات مع استثمارات تصل إلى 15 مليار يورو
الصحيفة - حمزة المتيوي
الثلاثاء 16 دجنبر 2025 - 19:00

لأول مرة، تبدو عودة مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا إلى الواجهة، مُرتبطة بتصور هندسي واضح وموعد "منطقي" لبداية ونهاية الأشغال التي ستحتاج لعشر سنوات كاملة قبل أن تصل إلى محطتها الأخيرة، وذلك وفق المعطيات الواردة في الدراسة التي أعدتها شركة ألمانية لفائدة الحكومة الإسبانية، والتي أثبتت جدوى المشروع رغم إقرارها بتحدي تمويله.

الدراسة التي أنجزتها شركة "هيرنكنيخت" الألمانية، المتخصصة عالميا في تصنيع آلات حفر الأنفاق، بطلب من مدريد، والتي نشرت نتائجها صحيفة "إلكونفيدينثيال" الإسبانية أمس الاثنين، خلصت إلى أن إنشاء نفق سِككي أسفل مياه مضيق جبل طارق ممكن تقنيً باستخدام التكنولوجيا المتاحة حاليا، كما أوصت بالشروع أولا في حفر مقطع تجريبي محدود، بهدف اختبار الظروف الجيولوجية في أكثر مناطق المضيق حساسية.

وبناء على هذه النتائج التي سُلمت رسميا لأول مرة شهر أكتوبر الماضي، كلفت الحكومة الإسبانية شركتها الاستشارية العمومية "إينيكو" بتحديث التصميم التقني للمشروع وإنجاز دراسات جيولوجية إضافية، على أن يتم تقديم نسخة أولية محدثة في أفق سنة 2026، ووفق خارطة الطريق المعتمدة، من المنتظر أن يُتخذ القرار السياسي النهائي بشأن إطلاق المشروع سنة 2027.

الجديد هذه المرة أيضا هو أنه في حال المصادقة على المشروع من الجانبين المغربي والإسباني، من المرتقب أن تنطلق الأشغال الميدانية الأولى سنة 2030، أي في السنة التي سيحتضن فيها البلدان كأس العالم بشكل مشترك مع البرتغال، بينما قد تمتد مرحلة الإنجاز الرئيسية بين عامي 2035 و2040، ورغم الطابع التقديري لهذه التواريخ، فإنها تُمثل سابقة في تاريخ المشروع، إذ إنها المرة الأولى التي يجري فيها تحديد تسلسل زمني واضح يتجاوز مرحلة النوايا.

التصور الهندسي للنفق - المصدر: SECEGSA ، El Confidencial

ويستلهم التصميم المقترح من نموذج نفق المانش الرابط بين فرنسا وبريطانيا، إذ يقوم على نفقين متوازيين للسكك الحديدية، واحد في كل اتجاه، ويربط بينهما نفق ثالث سيكون عبارة عن ممر مركزي مخصص للإخلاء الاضطراري والصيانة، ويرجح أن يمتد المسار بين منطقة "بونتا بالوما" التابعة لمنطقة قادس في أقصى جنوب إقليم الأندلس، ومنطقة "كاب مالاباطا" بمدينة طنجة.

يُقدر الطول الإجمالي للنفق بنحو 42 كيلومترا، منها حوالي 28 كيلومترا تحت سطح البحر، أما العمق الأقصى للنفق فقد يتجاوز 470 مترا، ما سيجعله أعمق من نفق المانش، ولا تُقارن به سوى بعض الأنفاق السككية الحديثة في جبال الألب، ويُتوقع أن لا يتجاوز زمن العبور 30 دقيقة بالقطار، مع قدرة على نقل المسافرين والبضائع في آن واحد، وسيكون مرتبطا بشبكة السكك الحديدية في البلدين.

ووفق التقرير، يمثل هذا الخيار السككي خلاصة مسار طويل من المقترحات التي تم التخلي عنها، فقد جرى في مراحل سابقة التفكير في إنشاء جسر معلق، غير أن عُمق المضيق والنشاط الزلزالي وقوة الرياح، عوامل جعلت الفكرة غير واقعية، كما ألغي في وقت سابق مقترح إنشاء نفق مختلط للقطارات والسيارات بسبب تعقيدات التهوية والسلامة والإخلاء.

العمق المتوقع للمشروع - المصدر: SECEGSA ، El Confidencial

ورغم اعتبار المشروع قابلاً للتنفيذ تقنياً، إلا أن التحديات الجيولوجية تظل كبيرة، فبحسب الخبراء، يشكل مضيق جبل طارق منطقة نشطة تكتونيا، على عكس قناة المانش المستقرة نسبيا، وتُعد منطقة "عتبة كامارينال" من أكثر النقاط تعقيدا، نظرا لقوة تبادل المياه بين الأطلسي والمتوسط، وتغير طبيعة التربة على مسافات قصيرة.

وتنعكس هذه الصعوبات مباشرة على الكلفة المالية، إذ تشير التقديرات الحالية إلى ما بين 8,5 و9 مليارات يورو للجزء الإسباني وحده، فيما قد تصل التكلفة الإجمالية للمشروع إلى ما لا يقل عن 15 مليار يورو بعد احتساب الاستثمار المغربي أيضا، إلى جانب نفقات ربطه بالشبكات السككية والتكاليف غير المباشرة، وهو رقم يفوق كلفة نفق المانش.

وبذلك، يُطرح التمويل كأحد أكبر التحديات التي تواجه المشروع، إذ لم يتجاوز ما صُرف حتى الآن سوى نحو مليون يورو من أموال خطة التعافي الأوروبية لتمويل الدراسات الأولية، كما أن الشركة الإسبانية المكلفة بالملف SECEGSA، التي تأسست سنة 1980، أنفقت أكثر من 53 مليون يورو على الدراسات التقنية خلال أربعة عقود دون أن يتحول المشروع إلى ورش فعلي.

لكن ما يدعو للتفاؤل، هو أن ظهور نتائج الدراسات تنبني على رغبة متبادلة في إحياء المشروع، تزامنا مع مرحلة غير مسبوقة من التقارب بين مدريد والرباط، خاصة بعد دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء سنة 2022، وتعزيز هذا التوجه بقرار مجلس الأمن رقم 2797 في أكتوبر الماضي، والذي رحبت به مدريد بشكل رسمي مؤخرا، في الإعلان الختامي للاجتماع رفيع المستوى الثالث عشر بين حكومتي البلدين.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...